لا يشكل واد أوريكة الممتد على طول الطريق الرئيسة المؤدية من جماعة أوريكة إلى جماعة ستي فاظمة و أوكيمدن والطريق المحاذية للسوق الأسبوعي استثناء فيما يخص التهميش واللامبالاة و الإقصاء الذي يضرب نواحي الحياة في هاته المنطقة المهمشة ،فمجرد جولة صغيرة في الواد المذكور تجعل أصحاب الضمائر الحية يتحسرون على الحالة المزرية التي يرزح تحتها هذا المجال الطبيعي الذي تتميز به منطقة أوريكة، حيث تحول إلى مطرح للنفايات ومختلف الأوساخ بسبب منعدمي الأخلاق والضمير الذين يعمدون إلى رمي الأزبال فيه وتكديسها على شكل أكوام ، ولعل ما يجعل الأمر يتفاقم ويسوء هو قلة اهتمام المسؤولين الدينا قاموا بتحويل الواد الى مطرح خاص بالجماعة وعدم تدخلهم لحماية هذا الكنز من مخاطر التلوث والتسمم ، ولو كلف مسؤول بالمنطقة نفسه عناء الذهاب إلى عين المكان لرأى حقيقة وواقع الإهمال الذي يؤثث فضاء هذا المجال المنسي .
إن التخلص من هذه الازبال بهذا الطريق يجعلها تدمر الغطاء النباتي بفعل السموم المتسربة من البلاستك،
حيث تشكل هذه المخلفات الضخمة عبئا علي البيئة وتستغرق الاف السنين لتتحلل او تندمج مع التربة ولكن بعد ان تكون قد خلفت كوارث بيئية مضرة بصحة الارض والنبات والحيوان والانسان، إن وجود هذه المواد في هذا المجال الطبيعي يعني تلوث جميع مصادر المياه، وتؤثر بشكل مباشر على المنتوجات الفلاحية في الحقول المتواجدة على طول ضفاف نهر أوريكة والتي تعتمد في السقي على مياه هذا النهر وتلويث الفرشة المائية ومجاري المياه خاصة وان نهر أوريكة رافد من اهم الروافد التي تزود جماعة اغمات وعبد الله غيات بالماء الشروب كما تقضي على الكائنات الحية المائية وتضعف الصبيب المائي للنهر وتخنق قنوات الري نتيجة الخسائر التي تلحقها هذه التراكمات وأثرها على تدمير تجهيزات السقي بالإضافة الى تأثير هذه المخلفات البيئي وتشويهها للمنظر الطبيعي فإن هذه المخلفات تتسبب في عرقلة حركة التنمية وتخلف منظرا غير حضاري .
إن حماية ما حبا الله به منطقة أوريكة من طبيعة خلابة ومنها نهرها العضيم والعريق الخالد يجب ان تكون جزءا لا يتجزأ من استراتيجية عمل المجاس الجماعي، كما يجب ان تكون من أولوياته بالاضافة نظافة الشوارع والميادين العامة الحفاظ على البيئة المحلية من أي مخلفات، والعمل على توعية السكان بأهمية البيئة في حياتهم وكيفية المحافظة عليها، و وضع لوحات وحواجز تنبه الى عدم إلقاء المخلفات إلا في الأماكن التي حددها المجلس، وعلى السلطات المحلية المسؤولة الاولى على كارثة واد اوريكة ان تقوم بواجب المراقبة والزجر، اذ لايعقل ان تسكت على مثل هذه الجريمة النكراء وهي لا تتوان ولو دقيقة واحدة في ارسال أعونها المعروفة ومعه مجموعة من رجال القوات المساعدة لتوقيف فقير يريد ترميم بيته فهي ترة كومة من الرمل وتتغاضى عن رؤية لالف الاطنان من الأزبال وهي تلقى بواسطة العربات والشاحنات في ضفة نهر أوريكة الذي تسعى جمعيات اجنبية للبحث عن الدعم المادي والمعنوي لاقراره تراثا إنسانيا .
إن الامر لا يجب أن يقتصر على ذلك بل إن المجلس مطالب بتحديد مكان خاص برمي هذه المخلفات واخبار السكان بذلك بالطرق المعروفة كما ان عليه وعلى جمعيات المجتمع المدني خصوصا منها المهتمة بالبيئة مراسلة السلطات المحلية لتذكيرها بضرورة تفعيل القوانين والمساطير الجاري بها العمل لمراقبة وزجر المخالفين وخصوصا جدا تفعيل مضمون الظهير الشريف رقم 153-06-1 الصادر في 22 نونبر 2006 بتنفيذ القـانون رقم 00.28 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها ( الصادر بالجريدة الرسمية . عدد 5480 بتاريخ 7 دجنبر 2006( الذي يهدف إلى وقاية صحة الإنسان والوحيش والنبات والمياه والهواء والتربة والأنظمة البيئية والمواقع والمناظر الطبيعية والبيئة بصفة عامة من الآثار الضارة للنفايات وحمايتها منها. والذي تنص المادة الأولى من بابه الأول من القسم الأول على ما يلي :
- الوقاية من أضرار النفايات وتقليص إنتاجها ؛ وتدخل في حكمها طبعا كما جاء في المادة 2 من هذا القانون " النفايات الناجمة عن استغلال المقالع والمناجم وعن أشغال الهدم أو البناء أو التجديد وكل العناصر الأخرى التي تتولد عنها آثار ضارة. - إخبار العموم بالآثار المضرة للنفايات على الصحة العمومية وعلى البيئة وبالتدابير الهادفة إلى الوقاية من آثارها المؤذية أو معاوضتها، وضع نظام للمراقبة وزجر المخالفات المرتكبة في هذا المجال.
كما جاء في المادة 6 من نفس القانون ما يلي :
- يجب على كل شخص تكون في حوزته نفايات أو ينتجها في ظروف من شأنها أن تحدث آثارا ضارة بالتربة والوحيش والنبيت أو تتلف المواقع أو المناظر الطبيعية أو تلوث الهواء أو المياه أو تخلف روائح أو بصفة عامة أن تلحق الضرر بصحة الإنسان والبيئة ، أن يسهر على التخلص من هذه النفايات أو يعمل على ذلك حسب الشروط الكفيلة بتفادي هذه الآثار وذلك وفقا لأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقها، ويشير الباب الأول من القسم الثامن في مواده من61 الى 67 الى المسؤولية الواضحة للسلطة المختصة في المراقبة و العمل على اتخاذ الإجراءات الضرورية لأجل معالجة هذا الخطر أو التخفيف من حدته. في حالة عدم امتثال المعنيين ، يمكن للإدارة أن تقوم تلقائيا بتنفيذ التدابير اللازمة لتوقيف النشاط المهدد لصحة الإنسان والبيئة، كما اشار الباب الثاني الخاص بالمخالفات والعقوبات الى مسؤولية الادارة مباشرة وواجبها في معاينة المخالفات لهذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه و تحرير محاضر ومتابعة المخالفين أمام القضاء .
القانون وبنوده واضحة والمسؤوليات محددة بكل دقة، ولكن المشكل لا يكمن فى وجود القانون بل اننا نتوفر على ترسانة كبيرة من القوانين ، مشكلة أوريكة أن ملفاتها تحتاج الي متابعة أدق من قبل الجهات المعنية واعني بها بالدرجة الأولى المجلس الجماعي ثم السلطات المحلية التي تملك القوة القانونية والفعلية للمراقبة والتتبع والتنفيذ للتأكد من هذه المخلفات، وإلى ان يقيض الله لهذه المنطقة الجميلة مسؤولين يستشعرون جسامة المسؤولية وخطورتها، سيبقى نهر أوريكة يئن تحت اوجاع هذه النفايات، وستبقى البيئة بأوريكة مستباحة كما استبيح تراثها التاريخي وفي مقدمته بنيات قديمة تاريخية تشهد على تاريخ أوريكة العريق والتي تم هدمها وتحويلها الى بنايات إسمنتية، والمعتدون بلطجية معروفون طاوعتهم أنفسهم على اقتلاع أثر أوريكة ومحو داكرتها، وتحويلها الى بقع لبناء الدور ووالشقق رغم انهم مؤتمنون على مصالح هذه المنطقة، وهذا الملف سنعود إليه بتفصيل فيما سيأتي من الايام .
كان يمكن لوخلصت النيات اعتبار ضفاف نهر أوريكة متنفسا رئيسيا لساكنة منطقة حوض اوريكة ومحطة اقبال الساكنة بمختلف شرائحها, وفئاتها واعمارها, وكان يمكن ان يصبح مرفقا بفضل موقعه الاستراتيجي حيث انه يقع وسط المنطقة، وليس ذلك بالامر الصعب ولا تنقص الأفكار، لكن ما ينقص هي الأرادة الخالصة والغيرة الصادقة للحفاظ على هذه المعالم الطبيعية التي لاولها لما كانت أوريكة، وأقل ما يمكن القيام به الحفاظ على النهر على حالته ليبقى كما كان عبر العصور مسبحا طبيعيا للصغار والكبار خصوصا في فصل الصيف في غياب فضاءات ترفيهية بديلة ،وذلك أضعف الإيمان .
ولقد عبر لي بعض أبناء منطقة في تصريحاتهم عن إستنكرهم الشديد حول هذه الظاهرة، أمام صمت السلطات وحيادها السلبي وهو ما يطرح أكثر من سؤال عن مآل التقارير اليومية التي تنجزها السلطات حول الوضع البيئي والصحي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمنطقة .
أحمد الفقير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق